يا إنسانُ، يا سِرَّ الوجودِ المكنونْ
خُلِقتَ مِن طينٍ، وأودِعتَ قلبًا حنونْ
نَفَخَ اللهُ فيكَ مِن رُوحِهِ العظيمَهْ
وجعلَكَ خليفةً بعهدِهِ الكريمَهْ
يا مَن سَجَدَتْ لهُ ملائكةُ السَّماءِ
تذكَّرْ أصلَكَ، لا تغترَّ بالدُّنياءِ
الدنيا فانيةٌ، لا بقاءَ لها
والآخرةُ دارُ القرارِ والهناءِ لها
يا إنسانُ، لِمَ الكِبرُ والغرورْ؟
أَنسيتَ أنَّكَ ضعيفٌ مكسورْ؟
الموتُ آتٍ، لا يُخطئُ أحدًا
فاستعدَّ لهُ، واعملْ خيرًا أبَدًا
لا تغفلْ عن ذكْرِ اللهِ في الصباحِ
واذكُرهُ ليلًا بينَ دمعِ الأرواحِ
هوَ الرحمنُ، الغفورُ الودودْ
بذكرِهِ تحيا القلوبُ وتسودْ
يا إنسانُ، لا تجعلِ المالَ ربَّكْ
ولا تَنسَ أنَّ رزقَكَ عندَ ربِّكْ
اجعلِ القناعةَ كنزًا في صدرِكْ
وارفعْ يديكَ شكرًا لفضلِ ربِّكْ
يا إنسانُ، تأمَّلْ في خلقِ البحارْ
في الشَّمسِ والقمرِ، في الليلِ والنَّهارْ
كلُّ شيءٍ في الكونِ آيةٌ عظيمةْ
تدلُّ على قدرةِ اللهِ الحكيمةْ
لا تُبعْ عُمركَ بلذَّاتٍ زائلةْ
ولا تُتبِعْ نفسَكَ في الدُّنيا الهائلةْ
إنما السَّعادةُ في رضا الرحمنِ
وفي العملِ الصالحِ طُهرُ الجَنانِ
يا إنسانُ، مَن عرفَ نفسَهُ فازْ
ومَن جهلَها عاشَ في التيهِ بازْ
فحاسِبْ نفسَكَ قبلَ أن تُحاسَبْ
وتُعرَضَ أعمالُكَ وتُجازَى بما كَسَبتْ
يا إنسانُ، لا تكنْ عبدَ الشهواتِ
كنْ عبدَ اللهِ، وارفضْ الضَّلالاتِ
فالحياةُ قصيرةٌ كطيفِ حلمٍ
والنهايةُ قبرٌ وضيقُ سُلمٍ
أينَ فرعونُ، أينَ قارونُ الجبارْ؟
ذهبوا جميعًا ولم يبقَ إلا الغفارْ
فاعتبرْ بهمْ، وتذكَّرْ مصيرَكَ
واسعَ في الخيرِ، ولا تُؤذِ غيرَكَ
يا إنسانُ، الخيرُ في يدَيكَ
إنْ أردتَ نورًا، فابدأْ بقلبِكَ
لا تنتظرْ دنيا تُرضي طموحَكْ
ارضَ بما قسمَ اللهُ لروحِكَ
يا إنسانُ، لا تحزنْ على الفقدِ
فكلُّ شيءٍ مكتوبٌ في اللوحِ
اصبرْ، واحتسبْ، وكنْ شَكورًا
في الصبرِ رفعةٌ وأجرٌ كبيرًا
يا إنسانُ، كنْ لطيفًا مع النَّاسِ
ولا تكنْ قاسيًا كحجارةِ اليأسِ
ابتسمْ، وتصدَّقْ، واغفرْ الزلَّةَ
فبالعفوِ تَعلو مكانتُكَ العليَّةَ
لا تظلمْ أحدًا، فاللهُ عليمْ
يسمعُ الدعاءَ، وهوَ الحكيمْ
فاحذرْ دعوةَ المظلومِ ليلًا
تُصيبُ الظالمَ نارًا وجَمرًا
يا إنسانُ، احفظْ لسانَكَ
لا تَغتبْ، لا تَكذبْ، طَهِّرْ قلبَكَ
بالكلمةِ الطيِّبةِ تُؤجرُ خيرًا
وتكسبُ رضا الرحمنِ عَطرًا